للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفتنة والابتلاء

عبيد بن عبد العزيز السلمي (١)

الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلو الناس أيهم أحسن عملا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله الله إلى الناس كافة، خير من ابتلي وخير من صبر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

فإن من أراد تحقيق أمور الدين جميعها، من التوحيد والإيمان والإسلام والإحسان، لا بد له من الابتلاء والفتنة، كما قال تعالى: {الم} (٢) {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (٣).

وجماع معنى الفتنة: الابتلاء والامتحان والاختبار، وأصلها مأخوذة من قولك: فتنت الفضة والذهب، إذا أذبتهما بالنار لتميز الرديء من الجيد (٤).

والفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء، وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالا، وقد قال الله تعالى فيهما: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (٥).


(١) الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
(٢) سورة العنكبوت الآية ١
(٣) سورة العنكبوت الآية ٢
(٤) لسان العرب لابن منظور ١٣/ ٣١٧، وانظر القاموس المحيط ٤/ ٢٥٤.
(٥) سورة الأنبياء الآية ٣٥