للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كمثل خامة الزرع يفيء ورقه من حيث أتتها الريح تكفئها فإذا سكنت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء (٢)». والله سبحانه حذر من الدنيا وفتنتها؛ ليحذرها المؤمن العارف بربه، قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (٣). فالجميع مبتلى فيها، فمن لم يؤمن فإنه يمتحن في الآخرة بالعذاب ويفتن به، وهي أعظم المحنتين، هذا إن سلم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها، أو عقوباتها التي أوقعها الله بمن لم يتبع رسله وعصاهم، فلا بد من المحنة في هذه الدار، وفي البرزخ لكل أحد، لكن المؤمن أخف محنة وأسهل بلية، فإن الله يدفع عنه بالإيمان (٤)، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} (٥). ولكن البلاء يشتد عليه بحسب إيمانه؛ ليعلم صدقه من كذبه، فإن صبر وأجاب داعي الله فإن له عند الله الفوز والنعيم. وقد سئل الشافعي رحمه الله: أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى فقال: لا يمكن حتى يبتلى فإن الله ابتلى


(١) البخاري: ٨/ ١٩١: كتاب التوحيد باب في المشيئة والإرادة واللفظ له صحيح مسلم: ٤/ ٢١٦٣: كتاب صفات المنافقين باب مثل المؤمن باب (١٤) كما أخرجه الإمام أحمد والدارمي.
(٢) الأرز: ضرب من البر وقيل شجر الصنوبر. اللسان: مادة أرز: ٥/ ٣٠٦. (١)
(٣) سورة العنكبوت الآية ٦٤
(٤) إغاثة اللهفان: ٢/ ١٩٢.
(٥) سورة الحج الآية ٣٨