للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن المجاهد لله لا بد أن يترك كثيرا من الملذات والشهوات ويقبل على الله فعوضه الله أن هداه سبيله وكان معه خاصة، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (١). وقد عزى الله المؤمنين حين اختاروا الألم المنقطع على الألم العظيم المستمر بقوله: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٢). فضرب لمدة هذا الألم لا بد أن يأتي وهو يوم لقائه، فيلتذ العبد أعظم اللذة بما تحمل من الألم من أجله وفي مرضاته، وتكون لذته وسروره وابتهاجه بقدر ما تحمل من الألم في الله ولله، وأكد هذا العزاء والتسلية برجاء لقائه؛ ليحمل العبد اشتياقه إلى لقاء ربه ووليه على تحمل مشقة الألم العاجل، كما عزاهم تعالى بعزاء آخر وهو أن جهادهم فيه إنما هو لأنفسهم، وثمرته عائدة عليهم، وأنه غني عن العالمين. .، ثم أخبر أنه يدخلهم بجهادهم وإيمانهم في زمرة الصالحين (٣) كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} (٤).


(١) سورة العنكبوت الآية ٦٩
(٢) سورة العنكبوت الآية ٥
(٣) زاد المعاد: ٣/ ١٦.
(٤) سورة العنكبوت الآية ٩