للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة، وأما الصبر والرضا فقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة، قال القرافي: المصائب كفارات جزما، سواء اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإلا قل، كذا قال: والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضا يؤجر على ذلك، فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه (١) ا. هـ.

والذي يظهر لي بعد هذا النقل أن الأجر لا يحصل إلا مع الصبر، لا بد للإنسان أن يصبر أو يسخط، ولا أعرف مرتبة بينهما، إلا أن الصبر إما أن يكون لله ومع الله فإنه يؤجر على ذلك؛ للآيات والأحاديث التي تحث على الصبر وتأمر به، وإما أن يكون لغير ذلك من غاياته في الدنيا، أو يجبر على الصبر كصبر البهائهم، ويسلي نفسه كصبر الكفار، فإن هذا لا أجر له.

قال ابن القيم بعد أن تكلم على الصبر فقال: المراتب أربعة:

أحدها: مرتبة الكمال، وهي مرتبة أولي العزائم، وهي الصبر لله وبالله، فيكون في صبره مبتغيا وجه الله، صابرا به، متبرئا من حوله


(١) فتح الباري: ١٠/ ١٠٥، وانظر ١٠٩.