للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها بعضها قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل يا أبا الوليد اسمع، قال: يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا (١). إلى آخر ما عرض عليه ولكن الرسول لم تغره تلك العروض واستمر على دعوته. ومن إغراء الكفار كما كانوا يغرون المسلمين قال الله تعالى عنهم: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (٢). وهذا إغراء معنوي بتحمل ما يكون على من ترك هذا الدين.

وهذه شبهة قد تعترض من قصر علمه وإرادته فيصدقها وينخرط معهم في غيهم وضلالهم.

ومن إغرائهم ما حدث للنفر الذين خلفوا حين تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فقد جاء إلى كعب بن مالك كتاب من ملك غسان قال كعب: فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها.


(١) سيرة ابن هشام: ١/ ٣١٣.
(٢) سورة العنكبوت الآية ١٢