الزيادة أيضا إلا بإظهار الشرع، ولأجل هذا صارت الآية مشكلة على الأكثر، معلومة لمن أيده الله تعالى بالنور الأظهر، وقد فاوضت فيها علماء وباحثت رفعاء فكل منهم أعطى ما عنده حتى انتظم فيها سلك المعرفة بدرره وجوهرته العليا.
إن من زعم أن هذه الآية مجملة فلم يفهم مقاطع الشريعة، فإن الله تعالى أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قوم هو منهم بلغتهم، وأنزل عليهم كتابه تيسيرا منه بلسانه ولسانهم، وقد كانت التجارة والبيع عندهم من المعاني المعلومة فأنزل عليهم مبينا لهم ما يلزمهم فيهما ويعقدونهما عليه، فقال تعالى:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}(١)، والباطل كما بيناه في كتب الأصول: هو الذي لا يفيد وقع التعبير به عن تناول المال بغير عوض في صورة العوض. والتجارة: هي مقابلة الأموال بعضها ببعض، وهو البيع وأنواعه في متعلقاته بالمال كالأعيان المملوكة أو ما في معنى المال كالمنافع، وهي ثلاثة أنواع:
١ - عين بعين وهو بيع النقد.
٢ - أو بدين مؤجل وهو السلم، أو حال وهو يكون في الثمن، أو على رسم الاستصناع.
٣ - أو بيع عين بمنفعة، وهو الإجارة.
والربا في اللغة: هو الزيادة، والمراد به في الآية: كل زيادة لم يقابلها عوض، فإن الزيادة ليست بحرام لعينها بدليل جواز