للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ} (١) عاطفة على لفظ الجلالة، وقد يراد بتأويل القرآن حقيقته ومآله والواقع الذي يئول إليه الكلام كما في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} (٢) وكما ذكر تعالى في قصة يوسف - لما سجد له أبواه وإخوته - عن يوسف عليه السلام أنه قال: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} (٣) فجعل عين ما وجد في الخارج تأويل رؤياه أي مآلها وحقيقتها التي وقعت، ومن ذلك كيفيات الصفات التي أثبتها الله تعالى لنفسه كالاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٤) وكمجيئه يوم القيامة والملائكة صفا صفا، قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (٥)، فكل من معنى الاستواء والمجيء معلوم للراسخين في العلم، أما كيفية ذلك فلا يعلمها إلا الله وحده.

وعلى هذا يكون الوقوف على لفظ الجلالة في قوله سبحانه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (٦) وكل من القولين في الوقف صحيح؛ لأن كلا منهما مبني على اعتبار معنى في بيان التأويل صحيح.

ومما يمثل به للتأويل بمعنى بيان المآل والحقيقة ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي


(١) سورة آل عمران الآية ٧
(٢) سورة الأعراف الآية ٥٣
(٣) سورة يوسف الآية ١٠٠
(٤) سورة طه الآية ٥
(٥) سورة الفجر الآية ٢٢
(٦) سورة آل عمران الآية ٧