للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك عند الحاجة إلى الاسترقاء ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي (١)» وقد كوى عليه الصلاة والسلام بعض أصحابه لما دعت الحاجة إلى الكي لأنه سبب مباح عند الحاجة إليه، والاسترقاء: طلب الرقية أما إن رقى من دون سؤال فهو من الأسباب أيضا لا بأس به ولا كراهة في ذلك وهكذا بقية الأسباب المباحة كالأدوية المباحة من إبر وحبوب وشراب وغير ذلك أما الطيرة المذكورة في حديث السبعين فهي التشاؤم ببعض المرئيات أو المسموعات وهي محرمة ومن الشرك الأصغر إذا ردت المتشائم عن حاجته، لقول الله سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (٢) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة (٣)» وقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: «الطيرة شرك الطيرة شرك (٤)» وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكرت عنده الطيرة: «أحسنها الفأل ولا تردن مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك (٥)» وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. قالوا: فما كفارة ذلك يا رسول الله؟ قال: " أن تقول اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك (٦)» رواه أحمد.

فعلم مما ذكرنا من الأدلة أن التوكل لا يمنع تعاطي الأسباب، فالإنسان يأكل ويشرب فالأكل سبب للشبع ولقوام هذا البدن وسلامته، وهكذا الشرب، ولا يجوز للإنسان أن يقول أنا لا آكل ولا أشرب وأتوكل على الله في حياتي وأبقى


(١) صحيح البخاري الطب (٥٦٨٠)، سنن ابن ماجه الطب (٣٤٩١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٤٦).
(٢) سورة الأنفال الآية ٢
(٣) صحيح البخاري الطب (٥٧٥٣)، صحيح مسلم السلام (٢٢٢٥)، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٤٠).
(٤) سنن الترمذي السير (١٦١٤)، سنن أبو داود الطب (٣٩١٠)، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٣٨)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٤٠).
(٥) سنن أبو داود الطب (٣٩١٩).
(٦) مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٢٠).