الناس على عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم كانوا يتخذون الحلية، وكان النساء يلبسنها، وكن يتصدقن بها في الأعياد وغيرها. ومن المعلوم بالضرورة أنه كان يعطيها للمحاويج ويعلم أنهم يبيعونها. ومعلوم قطعا أنها لا تباع بوزنها فإنه سفه. ومعلوم أن مثل الحلقة والخاتم والفتخة لا تساوي دينارا، ولم يكن عندهم فلوس يتعاملون بها، وهم كانوا أتقى لله وأفقه في دينه، وأعلم بمقاصد رسوله صلى الله عليه وسلم أن يرتكبوا الحيل أو يعلموها الناس. يوضحه أنه لا يعرف عن أحد من الصحابة أنه نهى أن يباع الحلي إلا بغير جنسه أو بوزنه، والمنقول عنهم إنما هو في الصرف، يوضحه أن تحريم ربا الفضل إنما كان سدا للذريعة كما تقدم بيانه، وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب، والشاهد والطبيب، والمعامل من جملة النظر المحرم، وكذلك تحريم الذهب والحرير على الرجال، حرم لسد ذريعة التشبه بالنساء الملعون فاعله، وأبيح منه ما تدعو إليه الحاجة، وكذلك ينبغي أن يباح بيع الحلية المصوغة صياغة مباحة بأكثر من وزنها، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك إلى آخر ما ذكره.
وقد يرد على ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله من أن الحلية المصوغة لا يجري فيها الربا، ما رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي «عن فضالة بن عبيد قال: اشتريت قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارا، فيها ذهب وخرز. ففصلتها فوجدت أكثر من اثني