مصدريها تغطيتها جميعها. وإنما يكفي تغطية بعضها بغطاء مادي ذي قيمة، على أن يكون الباقي مما لم يغط أوراقا وثيقية على جهات إصدارها، وأن التغطية لا يلزم أن تكون ذهبا أو فضة، بل يجوز أن تكون عقارا أو أوراقا مالية كالأسهم والسندات. وأن سر قبول النقد أيا كان قبولا عاما للتداول والتمول، هو الثقة به كقوة شرائية وكمستودع أمين للادخار، لا أن سر قبوله محصور في كونه ذا قيمة في ذاته أو أن القانون فرضه وألزم التعامل به.
ولا شك أن ذات الورقة النقدية لا قيمة لها مطلقا، بعد أن صارت مجرد قصاصات صغيرة فاقدة عموم وجوه الانتفاع، وأنها بذلك ليست من عروض التجارة، وإنما قيمتها في أمر خارج عن ذاتها، ولا شك أن الحكمة في جريان الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة كونهما محلا للظلم والعدوان، حينما يكونان أو أحدهما سلعا تباع وتشترى، والحال أنهما وحدة للمحاسبة والتقويم، فزيادة أحدهما بعضه على بعض في غير مقابلة مشروعة ظلم وعدوان، كما أن مصارفة أحدهما بالآخر بدون تقابض في مجلس العقد مظنة ذلك، وذريعة إليه وفي اتخاذهما سلعا تباع وتشترى تعطيل لهما عما اتخذا له، وإفساد على المسلمين قيم سلعهم، حينما تكون هذه القيم عرضة للزيادة والنقصان. وفي هذا تعد على المجتمع وعدوان، وقد مر بنا أن أقرب الأقوال إلى الصحة في علة الربا في النقدين مطلق الثمنية، وأن الحكمة إذا كانت ظاهرة ومنضبطة جاز التعليل بها في القياس.
وعليه فحيث إن الورق النقدي نقد قائم بذاته، لم يكن سر