الأجناس الستة، لحلولهما محلها، وانطباق حكمة التشريع على ذلك) اهـ.
وحيث إن قيمة الورقة النقدية ليست في ذاتها، كما هو الشأن في النقود المعدنية من ذهب أو فضة أو فلوس، وإنما قيمتها في أمر خارج عن ذاتها. هذه القيمة الخارجة عن ذاتها هي سر مناطها بالثمنية، وحيث إن هذه القيمة الخارجة عن ذوات الأوراق النقدية تختلف بعضها عن بعض. وحيث إن لهذا الاختلاف أثرا في اعتبارها أجناسا متعددة، بتعدد جهات إصدارها.
لهذه الحيثيات فإني أرى أن العملات الورقية أجناس تتعدد بتعدد جهات إصدارها، بمعنى أن الورق النقدي السعودي مثلا جنس، والورق النقدي الكويتي جنس، والورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، حكمها حكم الذهب والفضة في جواز بيع بعضها ببعض، من غير جنسها مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد، لما روى الإمام أحمد ومسلم عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد (١)».
فكما أن الذهب والفضة جنسان لاختلاف أحدهما عن الآخر في قيمتهما الذاتية، فكذلك العملات الورقية أجناس
(١) صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٧)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٠)، سنن النسائي البيوع (٤٥٦١)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٩)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣١٤)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٧٩).