ولا يأتي تكرار الإشارة إلى العقل بمعنى واحد من معانيه
التي يشرحها النفسانيون من أصحاب العلوم الحديثة. بل هي تشمل وظائف الإنسان العقلية على اختلاف أعمالها وخصائصها، وتتعمد التفرقة بين الوظائف، والخصائص في مواطن الخطاب ومناسبته.
فلا ينحصر خطاب العقل في العقل الوازع، ولا في العقل المدرك الذي يناط به التأمل الصادق والحكم الصحيح. بل يعم الخطاب في الآيات القرآنية كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصة أو وظيفة. . .) (١).
فإذا تلمسنا شاهدا على ذلك في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، كالتي تحث على العلم وتبين فضله ومكانته، وترسم منهج البحث والنظر، وتدعو للتبصر والفهم والفقه. . . وجدناها تأخذ مساحة أوسع، في كتب الحديث الشريف، وتجعل الإسلام- بحق- دين العلم والعقل كما أنه دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
ونوجز فيما يلي الكلام على قيمة العقل ومكانته في الإسلام، بخطوط سريعة وكلمات موجزة تشير إلى ما وراءها من اهتمام وعناية:
فالعقل هو هبة الله العظمى ومنحته لهذا الإنسان، به
(١) التفكير فريضة إسلامية، للأستاذ عباس محمود العقاد، ص (٧، ٨).