للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمكن الرجوع إليها عند التنازع والاختلاف، وأما في الأمة المحمدية فليس الأمر كذلك فإن مصادرها محفوظة، بل وقامت الدواعي من جهة النقل على صحتها ينقلها الخلف عن السلف كما قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١) والرد إلى الله رد إلى كتابه القرآن الكريم والرد إلى الرسول رد إلى سنته وهما محفوظان بحمد الله ومنته قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢).

وقد رويت أحاديث الافتراق بأسانيد كثيرة عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم كأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي الدرداء وجابر وأبي سعيد الخدري وأبي بن كعب، وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي أمامة وغيرهم وهي صحيحة الإسناد من حيث النقل متواترة لفظا ومعنى، ومجملها أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة ضلت الحق ولم تصبه وقالت بالباطل، لذا فهي مستحقة للوعيد، وفرقة واحدة تمسكت بالحق فهي به قائمة إلى أن تقوم الساعة، وقد أجمل الإمام أبو بكر الآجري هذه الروايات فقال: (أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمة موسى عليه الصلاة والسلام أنهم اختلفوا على إحدى وسبعين ملة كلها في النار إلا واحدة، وأخبرنا صلوات الله وسلامه عليه عن أمة عيسى عليه الصلاة والسلام أنهم اختلفوا على اثنتين وسبعين ملة إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وقال صلى الله عليه وسلم:


(١) سورة النساء الآية ٥٩
(٢) سورة الحجر الآية ٩