للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعتبر اتفاق الأسماء مع اتفاق المنافع، والأشهر أن لا يعتبر، وقد قيل: يعتبر، وأما أبو حنيفة فالمعتبر عنده في منع النساء ما عدا التي لا يجوز عنده فيها التفاضل، هو اتفاق الصنف اتفقت المنافع أو اختلفت، فلا يجوز عنده شاة بشاة ولا بشاتين نسيئة، وإن اختلفت منافعها.

وأما الشافعي فكل ما لا يجوز التفاضل عنده في الصنف الواحد يجوز فيه النساء، فيجيز شاة بشاتين نسيئة ونقدا، وكذلك شاة بشاة، ودليل الشافعي حديث عمرو بن العاص: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ في قلائص الصدقة البعير بالبعيرين إلى الصدقة (١)»، قالوا: فهذا التفاضل في الجنس الواحد مع النساء.

وأما الحنفية فاحتجت بحديث الحسن عن سمرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان (٢)»، قالوا: وهذا يدل على تأثير الجنس على الانفراد في النسيئة، وأما مالك فعمدته في مراعاة منع النساء عند اتفاق الأغراض سد الذريعة، وذلك أنه لا فائدة في ذلك، إلا أن يكون من باب سلف يجر نفعا وهو محرم، وقد قيل عنه أنه أصل بنفسه، وقد قيل عن الكوفيين أنه لا يجوز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، اختلف الجنس أو اتفق، على ظاهر حديث سمرة، فكأن الشافعي ذهب مذهب الترجيح؛ لحديث عمرو بن العاص، والحنفية لحديث سمرة مع التأويل له؛ لأن ظاهره يقتضي أن لا يجوز الحيوان بالحيوان نسيئة، اتفق الجنس أو اختلف، وكأن مالكا ذهب مذهب الجمع،


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٧)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧١).
(٢) سنن الترمذي كتاب البيوع (١٢٣٧)، سنن النسائي كتاب البيوع (٤٦٢٠)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٦)، سنن ابن ماجه كتاب التجارات (٢٢٧٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ١٩)، سنن الدارمي كتاب البيوع (٢٥٦٤).