للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة: اختلف العلماء في بيع المسلم فيه إذا حان الأجل من المسلم إليه قبل قبضه، فمن العلماء من لم يجز ذلك أصلا، وهم القائلون بأن كل شيء لا يجوز بيعه قبل قبضه، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وتمسك أحمد وإسحاق في منع هذا بحديث عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أسلم في شيء فلا يصرفه في غيره (١)».

وأما مالك فإنه منع شراء المسلم فيه قبل قبضه في موضعين:

أحدهما: إذا كان المسلم فيه طعاما، وذلك بناء على مذهبه في أن الذي يشترط في بيعه القبض هو الطعام على ما جاء علية النص في الحديث.

والثاني: إذا لم يكن المسلم فيه طعاما فأخذ عوضه المسلم مالا يجوز أن يسلم فيه رأس ماله، مثل أن يكون المسلم فيه عرضا، والثمن عرضا مخالفا له، فيأخذ المسلم من المسلم إليه إذا حان الأجل شيئا من جنس ذلك العرض الذي هو الثمن، وذلك أن هذا يدخله إما سلف وزيادة إن كان العرض المأخوذ أكثر من رأس مال السلم، وإما ضمان وسلف إن كان مثله أو أقل، وكذلك إن كان رأس مال السلم طعاما، لم يجز أن يأخذ فيه طعاما آخر أكثر منه، لا من جنسه ولا من غير جنسه، فإن كان مثل طعامه في الجنس والكيل والصفة فيما حكاه عبد الوهاب جاز؛ لأنه يحمله على العروض، وكذلك يجوز عنده أن يأخذ من


(١) سنن أبو داود البيوع (٣٤٦٨)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٨٣).