للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء، لكن لا تزال - بحمد الله - طائفة على الحق منصورة.

ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا (١)» رواه البخاري في صحيحه.

وهذا هو الذي يخاف منه، يخاف أن يتقدم للإفتاء والتعليم الجهلة، فيضلون ويضلون، وهذا الكلام الذي يقال: ذهب العلم، ولم يبق إلا كذا وكذا، يخشى منه التثبيط لبعض الناس، وإن كان الحازم والبصير لا يثبطه ذلك، بل يدفعه إلى طلب العلم، حتى يسد الثغرة.

والفاهم المخلص، والصادق البصير بمثل هذا الكلام لا يثبطه ذلك، بل يتقدم ويجتهد، ويثابر ويتعلم ويسارع، لشدة الحاجة للعلم، وليسد الثغرة التي زعمها هؤلاء القائلون: إنه لم يبق أحد، والحاصل أنه وإن نقص العلم، وذهب أكثر أهله، فإنه - ولله الحمد - لا تزال طائفة على الحق منصورة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله (٢)».

فعلينا أن نجتهد في طلب العلم، وأن نشجع عليه، وأن نحرص على سد الثغرة، والقيام بالواجب في مصرنا وغيره، عملا


(١) صحيح البخاري العلم (١٠٠)، صحيح مسلم العلم (٢٦٧٣)، سنن الترمذي العلم (٢٦٥٢)، سنن ابن ماجه المقدمة (٥٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٦٢)، سنن الدارمي المقدمة (٢٣٩).
(٢) صحيح البخاري العلم (٧١)، صحيح مسلم الإمارة (١٠٣٧)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٩٣).