للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل مرة مشفوع وكل المأثور حسن. ومن الناس من يثلثه أول مرة، ويشفعه ثاني مرة، وطائفة من الناس تعمل بهذا.

وقاعدتنا في هذا الباب أصح القواعد، أن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرا يصح التمسك به لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله كما قلنا في أنواع صلاة الخوف، وفي نوعي الأذان الترجيع وتركه، ونوعي الإقامة شفعها وإفرادها، وكما قلنا في أنواع التشهدات، وأنواع الاستفتاحات، وأنواع الاستعاذات، وأنواع القراءات، وأنواع تكبيرات العيد الزوائد. . . قال: وإنما يكون هذا تارة، وهذا تارة) (١).

الحكمة من خفاء الحكم:

قال الله تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (٢)، فما يوجد في الأسواق من الطعام والثياب قد يكون في نفس الأمر مغصوبا، فإذا لم يعلم الإنسان بذلك كان كله حلالا لا إثم عليه فيه بحال، بخلاف ما إذا علم، فخفاء العلم بما يوجب الشدة قد يكون رحمة، كما أن خفاء العلم بما يوجب الرخصة قد يكون عقوبة، كما أن رفع الشك قد يكون رحمة، وقد يكون عقوبة، والرخصة رحمة، وقد يكون مكروه النفس أنفع كما في الجهاد. قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} (٣) (٤)


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية، ج ٢٤، ص ٢٤٢.
(٢) سورة المائدة الآية ١٠١
(٣) سورة البقرة الآية ٢١٦
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية، ج ١٤ ص ١٥٩.