للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثاني: المصلحة الملغاة:

ا - آراء الحنابلة فيها:

جميع العلماء على أن ما يتوهم أنه مصلحة إذا كان يخالف الأدلة الشرعية فإن المصلحة لاغية لا عبرة بها، وقد وقع الإجماع على ذلك عدة قرون، فتتابعت العصور على عدم اعتبار ما يظن كونه مصلحة إذا كان يخالف دليلا من الأدلة الشرعية.

وخرق الطوفي هذا الإجماع، فقال بتقديم المصلحة على النصوص من باب التخصيص والبيان، وساق أدلة على مذهبه نسوقها:

أدلة الطوفي:

الدليل الأول: حديث: «لا ضرر ولا ضرار (١)»


(١) هذا الحديث ورد من طرق: (١) حديث ابن عباس رواه عن عكرمة: أولا: داود بن الحصين عن عكرمة: أ - إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس. أبو يعلى ٤/ ٣٩٧، والدارقطني ٤/ ٢٢٨، وإبراهيم بن إسماعيل هو ابن حبيبة ضعيف وداود ثقة إلا أن روايته عن عكرمة منكرة. ب - من طريق أحمد بن رشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبي أيوب عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس موقوفا عليه. رواه الطبراني ١١/ ٢٢٨ وفيه أحمد بن رشدين متهم. [في المعجم الكبير]. ثانيا: جابر عن عكرمة عن ابن عباس: أنا معمر عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس: وفيه جابر الجعفي ضعيف، أحمد ١/ ٣١٣، والبيهقي ٦/ ٦٩، والطبراني في الكبير ١١/ ٣٠٢، وابن ماجه ٢/ ٧٨٤ برقم (٢٣٤١). ثالثا: سماك عن عكرمة: قال الزيلعي في نصب الراية ٤/ ٣٨٤: وله طريق آخر رواه ابن أبي شيبة حدثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا وبحثت عنه في مظانه في المصنف فلم أجده، ورواية سماك عن عكرمة مضطربة. (٢) حديث عبادة بن الصامت: رواه عبد الله بن أحمد في مسند والده (٥/ ٣٢٧) وابن ماجه ٢/ ٧٨٤ برقم (٢٣٤٠) من طريق فضيل بن سليمان ثنا موسى بن عقبة ثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت مرفوعا وفيه إسحاق بن يحيى مجهول الحال، قال في زوائد ابن ماجه؛ منقطع؛ لأن إسحاق بن الوليد قال الترمذي وابن عدي: لم يدرك عبادة بن الصامت. اهـ (٣) حديث عائشة - رضي الله عنها -: أ - حديث عمرة: رواه الدارقطني ٤/ ٢٢٧ بسنده عن الواقدي نا خارجة عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة مرفوعا. وفيه الواقدي متروك، وشيخه خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت مختلف فيه. حديث القاسم بن محمد وورد من طريقين: الأول: رواه الطبراني في الأوسط ١/ ١٩٢: حدثنا أحمد بن رشدين، قال حدثنا روح بن صلاح قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن سهل عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا. وفيه أحمد بن رشدين قال ابن عدي تركوه (مجمع الزوائد ٤/ ١١٠) وروح بن صلاح ضعيف. الثاني: رواه الطبراني في الأوسط أيضا ٢/ ٢٣: حدثنا أحمد قال حدثنا عمرو بن مالك الراسبي قال حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك قال: حدثنا أبو سهيل عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا. وأبو بكر بن أبي سبرة ضعيف رمي بالوضع. (٤) حديث أبي سعيد الخدري: ورد من طريق عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا. رواه الحاكم ٢/ ٥٧ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي ورواه الدارقطني ٤/ ٧٧ و ٤/ ٢٢٨ والبيهقي ٦/ ٦٩ وفيه علتان: ١ - ما قاله البيهقي بعد روايته للحديث (٦/ ٧٠) تفرد به عثمان بن محمد بن الدراوردي، وقد أخرجه ابن عبد البر في التمهيد عن أبي علي الحسن بن سليمان الحافظ المعروف بقبيطة، عن عبد الملك بن معاذ النصيبي عن الدراوردي به، لكن عبد الملك هذا لا يعرف له حال ولا يعرف من ذكره، انظر نصب الراية ٤/ ٣٨٥. ٢ - أن الداروردي متكلم في حفظه وقد خالفه الإمام مالك فرواه في الموطأ برقم (١٤٢٦) عن عمرو بن يحيى المزني عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخالفه الدراوردي فمخالفة الدراوردي لمالك إما شاذة أو منكرة. (٥) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: رواه الدارقطني ٤/ ٢٢٨: نا أحمد بن محمد بن زياد نا أبو إسماعيل الترمذي نا أحمد بن يونس نا أبو بكر بن عياش قال أراه قال عن ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا. وأعل بأمرين: ١ - قال الزيلعي (٤/ ٣٨٥) عليه: وأبو بكر بن عياش مختلف فيه. اهـ، وروايته هنا عن غير الشاميين فهي مردودة. ٢ - إن في إسناده ابن عطاء يعقوب وهو ضعيف. (٦) حديث ثعلبة بن أبي مالك: رواه الطبراني في الكبير ٢/ ٨٦ بسنده عن إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن صفوان بن سليم عن ثعلبة بن أبي مالك مرفوعا. ورواه أبو نعيم في الحلية ٩/ ٧٦ وفيه إسحاق بن إبراهيم لا يعرف. (٧) حديث جابر بن عبد الله: قال الزيلعي ٤/ ٣٨٦: روى الطبراني في المعجم الأوسط حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل ثنا حبان بن بشر القاضي قال: ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله مرفوعا. قال في مجمع الزوائد ٤/ ١١٠: وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس. اهـ والحديث رواه أبو داود في المراسيل مرسلا (منقطعا) عن أبي لبابة. (٨) حديث أبي لبابة: قال أبو داود في المراسيل ص (٢٠٧): عن محمد بن عبد الله القطان عن عبد الرحمن عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن أبي لبابة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " فإنه لا ضرر في الإسلام ولا ضرار ". وذكر فيه قصة له. والحديث منقطع وفي سنده ابن إسحاق. (٩) عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه: رواه مالك في الموطأ برقم (١٤٢٦) باب القضاء في المرافق عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا ضرر ولا ضرار "، ورواه عن الشافعي في سنده ٢/ ١٣٤ و ٢/ ١٦٥ والسند صحيح لكنه منقطع فيحيى لم يدرك أبا أمامة. (انظر نصب الراية ٤/ ٣٨٤ - ٣٨٦) وسلسلة الأحاديث الصحيحة ١/ ٤٤٣ - ٤٤٨).