هنا: إنما هو نزول أمره سبحانه، لا نزوله هو، لأن لفظ (ينزل) هنا مجاز، لا حقيقة.
وهكذا مضوا في نفي الصفات الثابتة للخالق سبحانه بالوحي، عن طريق القول بالمجاز.
وحجتهم في ذلك كله: أن الألفاظ التي تطلق على الخالق والمخلوق، إنما تكون هي وأفعالها ومصادرها وأسماء الفاعلين والصفات المشتقة منها، حقيقة في حق المخلوق، مجازا في حق الخالق.
ولو أنا طردنا هذا القياس، فإن رب العالمين لا يكون موجودا حقيقة، ولا حيا حقيقة، ولا مريدا حقيقة، أو قادرا أو مالكا على الحقيقة؛ لأن الوجود والحياة والإرادة والقدرة والملك، هي حقائق في حق المخلوقين، فلا تكون إلا مجازات في حق خالق هؤلاء المخلوقين.
وهذا هو عينه المذهب الذي صار إليه جهم بن صفوان، ودرج عليه أصحابه من بعده.
وفي الحق أن كل من يمعن النظر في حقيقة المجاز ومآله، يجد أن هذا القول لازم لكل من ادعى المجاز في شيء من أسماء الله وأفعاله، لزوما لا محيص له عنه بحال.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - تعليقا على هذا الذي ذهبوا