الفاعل، وصرت إلى الحقيقة، ولكن بقي عليك التجويز في مكان آخر، وهو جهة اللص، فإنما قطع منه يده أو رجله لا كله، فإذا احتطت قلت:(قطع الأمير نفسه يد اللص)، وهذا - أيضا - مجاز، ولكن من جهة أخرى، وهي أن اليد اسم للعضو إلى المنكب، والأمير لم يقطعها كلها، وإنما قطع بعضها، فإذا احتطت قلت:(قطع الأمير نفسه يد اللص ما بين الكوع والأصابع)، وهذا - أيضا - مجاز، من جهة أنك سميته لصا، وذلك يقتضي استغراق جميع أفراد اللصوصية، وهو محال، باعتبارك أوقعت البعض على الكل، فإن احتطت قلت:(قطع الأمير نفسه يد من وجد منه بعض اللصوصية ما بين الكوع إلى الأصابع). وهذا مجاز أيضا، من جهة أن الفعل (قطع) دال على جميع أفراد الجنس، وذلك محال أن يقع القطع على جميع أفراد الجنس قاطبة، من لدن آدم - عليه السلام - إلى آخر فرد من أفراد البشرية، إذ هو في الحقيقة واقع على فرد واحد من أفراده، لا عليهم كلهم، فإذا أردت الاحتياط لهذه المسألة، فعليك أن تقول تحديدا:(أوقع الأمير نفسه فردا من أفراد القطع، على يد واحد ممن وجد منه بعض اللصوصية، ما بين الكوع إلى الأصابع). . وبذا - فقط - تتحول العبارة من حيز المجاز إلى حيز الحقيقة.
فهل بقي سخف أبعد شأوا من هذا السخف!؟ وهل هناك تمحل أبلغ سماجة من مثل هذا التمحل!؟