وافرا، أو سعره هابطا، فإن كثيرين من التجار وهم أعلم بقراءة المستقبل يعرفون العام الذي يكون فيه النتاج قليلا (١)، فلا يبيعون كل ما يشترونه، بل يبيعون جزءا منه فقط ويحفظون الباقي استعدادا للطوارئ في المستقبل. وهم بعملهم هذا ينظمون الأسعار:
أولا: لأنهم باختزانهم بعض النتاج يقللون المعروض منه في السوق فيرتفع سعره نوع ارتفاع في سنة الوفرة، ولا يخفى ما في ذلك من الفائدة لأصحاب القطن.
ثانيا: لأنهم عند حلول العام القليل الحاصلات الذي دلهم عليه بعد نظرهم يضيفون ما أودعوه في خزائنهم إلى المعروض منه وتكون النتيجة اعتدالا في أسعاره بدل ارتفاعها، وربما كان سعره في تلك السنة كالسنة الأولى أو كان الفرق بينهما قليلا. على أن كثيرين لم يقتصر بعد نظرهم على اختزان البضائع أو معالجة التجارة المعقولة (بل تعدوا طورهم وطفقوا يخترقون حجب المستقبل بأوهامهم واندفعوا في تيار الاتجار بالتخمين بانين كل معاملاتهم على سلع مجهولة وموكولة للمصادفة، أو متجرين بأشياء لا يقصد استلامها، بل يقصد ربح الفروق أو متجرين بالفروق حتى أصبحوا خطرا يتهدد الحالة التجارية، وداء فتاكا بالصالح العام.
(١) هذا ضرب من التوقع الظني المبني على التجربة والاجتهاد، وقد يكون فيه ضرب من التخمين.