وهكذا مات الصحابة جميعا فلم يحد عليهم التابعون، وهكذا مات أئمة الإسلام وأئمة الهدى من علماء التابعين ومن بعدهم، كسعيد بن المسيب، وعلي بن الحسين زين العابدين، وابنه محمد بن علي، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، والإمام أبي حنيفة، وصاحبيه، والإمام مالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري، والإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة العلم والهدى، فلم يحد عليهم المسلمون، ولو كان خيرا لكان السلف الصالح إليه أسبق، والخير كله في اتباعهم، والشر كله في مخالفتهم، وقد دلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أسلفنا ذكرها على أن ما فعله سلفنا الصالح من ترك الإحداد على غير الأزواج هو الحق والصواب، وأن ما يفعله الناس اليوم من الإحداد على الملوك والزعماء أمر مخالف للشريعة المطهرة، مع ما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة وتعطيل المصالح والتشبه بأعداء الإسلام، وبذلك يعلم أن الواجب على قادة المسلمين وأعيانهم ترك هذا الإحداد والسير على نهج سلفنا الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم، والواجب على أهل العلم تنبيه الناس على ذلك وإعلامهم به؛ أداء لواجب النصيحة وتعاونا على البر والتقوى ولما أوجب الله سبحانه من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللأئمة المسلمين وعامتهم رأيت تحرير هذه الكلمة الموجزة.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق قادة المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه والتمسك بشريعته والحذر مما خالفها، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا، إنه سميع الدعاء قريب الإجابة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه.