وهذا حق بلا ريب ولا نتكلم فيه، فإنما البيع عن تراض كما جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنه قد يخيل للمرء في بادئ الرأي أن هذه المعرفة المشروطة في الثمن تتطلب أن يكون الثمن حين العقد معروفا فعلا بأنه مبلغ كذا من النقود، وهذا ما لا نراه ضروريا لصحة العقد.
إن لنا أن نقول بحق: إن هذه المعرفة ليست واجبة شرعا حين العقد. ويكفي أن يكون الثمن معروفا على وجه ما به يقع التراضي ولا يقوم نزاع بين المتعاقدين، وهذا يتحقق بيقين متى اتفقا على أن سعر القنطار من القطن الذي يباع بهذه الطريقة محدد بسعر السوق الرسمية يوم كذا أي: اليوم الذي يختاره البائع في المدة المتفق عليها بينه وبين المشتري، أو اليوم الأخير لهذه المدة إن تحديد الثمن بهذه الكيفية فيه تحقيق لرضى الطرفين، ويضمن ألا يقوم نزاع بصدده بينهما (١)، وهذا التراضي هو كل ما شرطه المشرع الحكيم في العقود ويكفي للتدليل على هذا الذي نذهب إليه أن نتذكر أنه لم يقم نزاع حتى الآن فيما يختص بالسعر المحدد بهذه الطريقة- بين من يتعاملون هكذا في سوق العقود- وهذا دليل قاطع بلا ريب.
(١) لا يضمن عدم النزاع وإنما امتنع النزاع بقهر النظام.