ثم أخذ بعد هذا في ذكر مسائل تطبيقية على الجهالة بنوعيها في المبيع والثمن ليبين ما أراد تقريره.
والعلامة ابن عابدين - وهو يتكلم عن شرط معرفة قدر المبيع والثمن لصحة البيع- نقل عن البعض جواز ما لو باعه بمثل ما يبيع الناس إن كان شيئا لا يتفاوت، ولا ريب في أن تحديد الثمن بسعر إقفال (البورصة) في يوم معين أمر لا يتفاوت من جهة المبيع والثمن أيضا، وفي هذا لا يتنازع أحد من الناس، بل يحصل رضا الطرفين كما هو معروف وواقع فعلا (١) وأما ابن القيم فكان صريحا في ذلك صراحة يطمئن إليها القلب إذ يقول: (واختلف الفقهاء في جواز البيع بما ينقطع به السعر من غير تقدير الثمن وقت العقد، وصورتها البيع ممن يعامله من خباز أو لحام أو سمان أو غيرهم يأخذ منه كل يوم شيئا معلوما ثم يحاسبه عند رأس الشهر أو السنة على الجميع ويعطيه ثمنه، فمنعه الأكثرون وجعلوا القبض به غير ناقل للملك، وهو قبض فاسد يجري مجرى المقبوض بالغصب؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد وكلهم إلا من شدد على نفسه يفعل ذلك، ولا يجد منه بدا وهو يفتي ببطلانه)
(١) قيده بما لا يتفاوت من جهة المبيع والثمن وما نحن بصدد بيان حكمه يتفاوت فلا تتسامح فيه النفوس