يجب أن يقدر، وأدبا يجب أن يؤدى، وعرفانا يجب أن ينشر، حيث يروى عن بعض السلف قوله: من علمني حرفا كنت له عبدا.
وما ذلك إلا أن بصيرة العالم العامل، تفتح لمن يأخذ عنه أبوابا، وتزيل كابوس الجهل، لأن النيات إذا صدقت، والأعمال إذا خلصت، فإن الأمة تسعد في دنياها، وتفلح في أخراها، وما ذلك إلا لأن العلماء هم ورئة الأنبياء، إذ لم يورثوا غير العلم، فمن أخذه أخذه بحقه، وحق العلم التبليغ والنشر.
وإذا كان رسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر في الحديث الصحيح: «أن ابن آدم إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (١)»، فإن الله قد هيأ للشيخ حافظ اثنتين من هذه الثلاث، وقد تكمل الثالثة، وهي الصدقة الجارية، ببذل الجهد، من جراء توفر الخصلتين الباقيتين، إذ رزقه الله ولدا من صلبه، وولدا أخذ عنه العلم، فأدى حق الأستاذية؛ كما روي عن مالك بن دينار:(إن الله عوضني عن الولد من صلبي، بأولادي الذين أخذوا عني العلم)، فكان من ذخيرة الشيخ حافظ العلمية، ما يرجى له به النفع الدائم.
١ - فالدكتور أحمد بن الشيخ حافظ، هو أحرص الناس على التعريف بوالده، منذ كان طالبا، إذ كتب عن حياته في " مجلة العرب " ج ٣ س ٧ رمضان عام ١٣٩٢ هـ، مستدركا
(١) صحيح مسلم الوصية (١٦٣١)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٦)، سنن النسائي الوصايا (٣٦٥١)، سنن أبو داود الوصايا (٢٨٨٠)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٧٢)، سنن الدارمي المقدمة (٥٥٩).