أعلم حافظا وإخوانه، وألقي عليهم الدرس جميعا، فكان حافظ يحفظ الدرس من مرة واحدة، أما إخوانه فكنت أكرر عليهم المرة والثانية، والثالثة، فكنت إذا أردت أن أكرر الدرس عليهم، قال: يكفيني يا شيخ مرة واحدة، ثم يأتيني من غد، وقد حفظ درس الأمس، ما يخرم حرفا، ولا يتلجلج في لفظة، حتى شعر إخوانه بالخجل منه، فعادوا يقولون لا تكرر علينا الدرس، يكفي إذا سمعه حافظ أن يعلمنا هو (١).
ومع أن مكث الشيخ القرعاوي في قرية الجاضع كان قصيرا جدا، فهو لا يعدو عشرين يوما من شهر شعبان عام ١٣٥٩ هـ، فقد قرأ حافظ القرآن، وأشبع الشيخ نهمته، حيث أحضر بعض المتون، في التجويد والحديث والفقه والفرائض، وبدأ حافظ في نقل بعض هذه المتون بخطه، فنقل تحفة الأطفال في التجويد وحفظها، ودرس على الشيخ الأربعين النووية وشرحها، وبلوغ المرام، والرحبية، وبعض مبادئ الفقه، وبعض مبادئ الحساب.
ثم في سامطة وجد حافظ بغيته، وتحقق ما يشبع جوعه العلمي، حيث سلمه الشيخ القرعاوي، خزانة كتب فيها الصحيحان، وسنن النسائي، وسنن أبي داود، وغيرها من أمهات الكتب، فأكب حافظ على قراءتها، وواظب على حضور دروس الشيخ القرعاوي، وكان إذا تأخر في خدمة أبويه أتاه الشيخ بنفسه