ثم عاد إلى نجد، وسافر منها إلى البصرة وأخذ من علمائها كذلك، ورأى في البصرة ما هو أشد مما رأى في المدينة النبوية، رأى القبور المسرجة والطائفين يتمسحون بالقبور والبدع والمنكرات، ولم يطق- رحمه الله- صبرا على ذلك، فأنكر عليهم الباطل وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فأخرجه أهلها وطردوه من البصرة في حمارة القيظ حافي القدمين عاري الرأس ليس عليه سوى ثوبه وقميصه، وكاد الشيخ أن يهلك عطشا لولا أن الله هيأ له من حمله إلى الزبير وسقاه، وعاد منها إلى حريملاء، ثم خرج إلى العيينة واستقبله أميرها ابن معمر وأحسن وفادته، وهدم ما كان في العيينة وما حولها من قباب ومشاهد على القبور، وقطع الأشجار التي يتبرك بها بعض الناس.
ثم خرج الشيخ من العيينة، وتوجه إلى الدرعية، ووجد من أميرها محمد بن سعود العون والمساعدة، فتبايعا على نصرة دين الله وإحياء سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإماتة البدعة.
وانطلقت الدعوة بعد أن اتخذت الدرعية قاعدة لها، فكاتب الشيخ رؤساء البلدان وأهلها وعلماءها يدعوهم إلى الانضمام إلى دعوته فاستجاب كثير منهم. فأقيمت الفرائض والنوافل ومحقت البدع والمحرمات، وأزيلت المنكرات والشركيات، وارتفعت كلمة التوحيد صافية نقية بعد أن شابها في تلك الفترة عبادة غير الله ودعوته.