للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنها تعني أن كل قول يقوله المسلم، أو فعل يفعله: إنما يكون باسم الله، وهذا البدء بالتسمية دليل على توحيد الله تعالى، إلى جانب تأدب الإنسان مع خالقه.

ولأهمية هذه التسمية وما تنطوي عليه من معان؛ نجد أن أول ما نزل من القرآن الكريم على نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ باسم الله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (١).

فمن أجل ذلك أحببت أن أجمع الأحاديث الصحيحة والحسنة (٢) التي وردت في التسمية وأن أخرجها من مصادرها، إلى جانب شرح المفردات الغريبة، مع الإشارة إلى مذاهب الفقهاء؛ إن كان الحديث يحتوي على حكم فقهي، ولا أتعرض لتفصيلات المذاهب، وبيان حججهم؛ لأن في ذلك تطويلا للموضوع، وخروجا عن المقصود.

فمن العبادات التي شرعت التسمية عند فعلها الوضوء (٣):

١ - فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (٤)»


(١) سورة العلق الآية ١
(٢) أما الأحاديث الضعيفة والشديدة الضعف والموضوعة فلم أتعرض لذكرها.
(٣) بعض العامة يسمي الله تعالى عندما يصلي قبل تكبيرة الإحرام، فهذا العمل ليس من السنة.
(٤) سنن ابن ماجه - كتاب الطهارة وسننها - باب ما جاء في التسمية في الوضوء - ١/ ١٣٩ وما بعدها حديث (١٦٥). قلت: فيه كثير بن زيد، صدوق يخطئ كما في التقريب، وفيه أيضا شيخه ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، مقبول، كما في التقريب، وقال البخاري: منكر الحديث، علل الترمذي الكبير: ١/ ١١٣. وقد جاء هذا الحديث من رواية: سعيد بن زيد، وأبي هريرة، وسهل بن سعد، وعيسى بن سبرة مولى قريش عن أبيه عن جده، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم. أما حديث سعيد بن زيد: فقد أخرجه الترمذي حديث (٢٦)، باب ما جاء في التسمية عند الوضوء. وأخرجه ابن ماجه حديث (٣٩٨)، كلاهما من طريق يزيد بن هارون عن يزيد بن عياض عن أبي ثفال عن رباح بن عبد الرحمن أنه سمع جدته بنت سعيد أنها سمعت أباها. . . الحديث. قلت يزيد بن عياض كذبه مالك. وقال النسائي وغيره: إنه متروك، انظر المغني ٢/ ٧٥٢ والتقريب ص ٦٠٤، وأخرجه أيضا الترمذي حديث (٢٥) عن سعيد بن زيد، من طريق بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال به. قال ابن القطان - كما في نصب الراية ١: فيه ثلاثة مجاهيل الأحوال: جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال، ولا تعرف بغير هذا. ورباح أيضا مجهول الحال، وأبو ثفال مجهول الحال، مع أنه أشهرهم؛ لرواية جماعة عنه، منهم الدراوردي. اهـ. وأما حديث أبي هريرة: فقد أخرجه الإمام أحمد في المسند: ٢/ ٤١٨ عن قتيبة بن سعيد عن محمد بن موسى المخزومي عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا أبو داود في سننه حديث (١٠١) باب: التسمية على الوضوء - عن قتيبة بن سعيد به مثله. وأخرجه أيضا ابن ماجه حديث (٣٩٩) من طريق ابن أبي فديك عن محمد بن موسى به. وأخرجه الحاكم في المستدرك: ١/ ١٤٦، من طريق ابن أبي فديك عن المخزومي به، وصححه. وتعقبه الذهبي في تلخيصه: ١/ ١٤٦، فقال: إسناده فيه لين. اهـ. قال الإمام البخاري في تاريخه ١/ ٧٦: لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه. اهـ. وأما حديث سهل بن سعد، فقد أخرجه ابن ماجه حديث (٤٠٠)، من طريق عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد، عن أبيه، عن جده. وفي سنده عبد المهيمن، وهو مجمع على ضعفه. انظر الميزان: ٢/ ٦٧١ والتهذيب: ٦/ ٤٣٢. وأخرجه الطبراني أيضا في كتابه (الدعاء)، حديث (٣٨٢) ٢/ ٩٧٣، من طريق أبي بن عباس - أخي عبد المهيمن - وفيه ضعف، كما في التقريب ٩٦، وانظر المغني: ١/ ٣٢. وأما حديث عيسى بن سبرة مولى قريش، عن أبيه، عن جده: فقد أخرجه الطبراني في كتابه (الدعاء) حديث (٣٨١) وفي سنده عيسى بن سبرة، عن أبيه، عن جده، فهم مجاهيل، إذ لم أجد لهم ترجمة في كتب التراجم التي اطلعت عليها. وأما حديث عائشة أم المؤمنين: فقد أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ١/ ٣، والبزار - كما في كشف الأستار - حديث (٢٦١) ١/ ١٣٧، وأخرجه أيضا الطبراني في كتابه (الدعاء) حديث (٢٨٣، ٣٨٤) ٢/ ٩٧٣. كلهم من طريق حارثة بن محمد. قال عنه الذهبي في المغني: ١/ ٤٤، تركوه. إذا نظرنا إلى تلك الطرق وجدنا أصلحها حديث أبي سعيد الخدري، ومع ذلك في إسناده ضعيفان ضعفهما منجبر، يمكن أن ينجبر هذا الضعف بحديث أبي هريرة وحديث سهل بن سعد، من طريق أبي بن عباس، فيكون الحديث حسنا لغيره. أما قول الإمام أحمد - كما في جامع الترمذي ١/ ٣٨ - لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد، فمراده أنه ليس له إسناد جيد بمفرده، والله تعالى أعلم. .