للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل الأعمال، فلا عمل بلا نية «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (١)». كما قال الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في حديث عمر بن الخطاب المشار إليه. وقد قعد ابن حزم في عبارة عامة مجموعة قواعد عن النية كأساس للعمل يمكن القول إنها تتمثل في أمور أهمها: (أ) أنه لا بد لكل عمل من نية. (ب) أن العمل أو التصرف سواء كان حركة أو إمساكا عن حركة لا يصح إلا بنية. (ج) أن من توضأ أو ركع أو سجد بنية الرياء فهو فاسق وعاص، ومن أكل البر دون رغبة في البر بل لؤما وبخلا فآثم، (ومن لبس الوشي المرتفع الذي ليس حريرا بنية الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- فمأجور فاضل، ومن لبس بنية التخنث والأشر والإعجاب ففاسق ومذموم، وهكذا جميع الأعمال أولها عن آخرها، فصح أن لا عمل أصلا إلا بنية) (٢).

وعلى ذلك فإن العبادات لا تصح إلا بنية، والنية هي مناط التمييز بين العادة والعبادة (٣)، وهي أساس جعل العادة طاعة، وكل عمل من أعمال العبادات، لا يقترن بنية التقرب إلى المعبود لا يعتد به؛ ذلك أن (نية التقرب والتعبد جزء من نية الإخلاص ولا قوام لنية الإخلاص للمعبود إلا بنية التعبد، فإذا كانت نية


(١) صحيح البخاري بدء الوحي (١)، صحيح مسلم الإمارة (١٩٠٧)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (١٦٤٧)، سنن النسائي الطهارة (٧٥)، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٠١)، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٢٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٣).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج ٥ ص ٦، ٧.
(٣) بدائع الفوائد لابن القيم ج ٣ ص ٢٣٠.