ما شرعه الله، لأن فيه مصالح العباد فمن ابتدع في العقيدة فقد هدم أساس الدين المتين، وإن ابتدع في العبادات بمقولة أنه يبتغي الفوز بأعلى المراتب في الدنيا، ويرغب في نيل أطيب المنازل في الآخرة، فهو بذلك يؤكد سوء قصده لأن الله سبحانه وتعالى إذا طلب منا أن نتعبده بشيء واضح فليس لنا أن نستبدل به شيئا غير واضح، والواضح هو شرع الله، وغير الواضح هو ما كان من صنع الإنسان، فكيف يشبه الإنسان فعله بفعل الملك الديان، كيف يتصور أنه قادر على إدراك ما لم يشرعه الله في العبادات. الإسلام دين البساطة، ولذا يجب على المؤمن أن يجعل أساس عبادته في الدين هو السير على نهجه لا الابتداع فيه، وإذا كانت العبادات تحقق مصلحة العباد في الدنيا والآخرة، فكذلك الحالة بالنسبة للعادات، فلا يجوز للإنسان أن يأتي بما ينقض المصلحة التي دار عليها حكم الله، ومن هنا فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أكثر خلق الله بغضا للبدع ومقتا للابتداع، لأن قلوبهم لم تكن تتسع لشيء آخر سوى حب الله، ولعل أبلغ وأوضح ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه في هذا الصدد:(إنما أنا مثلكم، وإني لا أدري لعلكم ستكلفوني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيقه، إن الله اصطفى محمدا على العالمين، وعصمه من الآفات، وإنما أنا متبع ولست بمبتدع؛ فإن استقمت فتابعوني، وإن زغت فقوموني).
ومثل هذا نهج باقي الخلفاء الراشدين، سلوكا وعملا، وفقها وعلما. ومن الصحابة من أكد هذا المعنى أيضا بكلام واضح لا لبس فيه، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: (اتبعوا ولا تبتدعوا