فما أكثر الكلام في كل زمان ومكان، وما أقل السلوك الذي يرقى بالعقيدة ويجعلها شيئا ثابتا في الضمير، مستقرا في الوجدان، دائم الإشعاع، لا يتغير لهوى، ولا يتبدل لرغبة أو رهبة وهكذا كان الإمام، فقد أحاط فكره العقدي بالسلوك الواقعي التوحيدي، الذي نحن أحوج ما نكون إليه الآن في كافة البقاع والأصقاع العربية والإسلامية، ليعود للعقيدة صفاء بساطتها كما جاء بها الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم.
وبيانا لذلك، فقد اشتغل الشيخ "الإمام في العيينة- بعد أن رحل إليها- بالتعليم الديني والإرشاد والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فوجه الناس إلى الخير، ودعاهم إلى المحبة في الله، رجالا ونساء فذاع صيته، بعد أن اشتهر أمره في العيينة، وجاء الناس إليه من القرى المجاورة طلبا للفكر العقدي الصحيح، وما إن تيقن الإمام من ثبات الناس على العقيدة الإسلامية الصافية، حتى طلب من الشيخ الأمير عثمان بن محمد بن معمر أمير العيينة، أن يمكنه من هدم، قبة زيد بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، لأنها إنما أسست على غير هدى، ولأن الله سبحانه وتعالى لا يرضى عن ذلك العمل، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور نهيا صريحا واضحا لا لبس. فيه ولا غموض، ونهى عن اتخاذ المساجد عليها، ولأن وجودها قد حصل به الشرك، فلم يمانع الأمير من ذلك، ولكن الشيخ الإمام أطلعه على ما يخشاه من احتمال ثورة أهل الجبيلة، وهي قرية قريبة من ذلك القبر، فخرج الأمير ومعه ستمائة