للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (١) الآية.

وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها.

وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر. وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه. ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم، وعن السفر إلا مع ذي محرم، سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم، وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (٢)» وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا


(١) سورة الأحزاب الآية ٥٣
(٢) رواه البخاري في النكاح برقم ٤٧٠٦ واللفظ له، ومسلم في الذكر والدعاء برقم ٤٩٢٣.