للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المناسك ما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا (١)» وجه الدلالة أن طواف الوداع يكون عند الرجوع وسماه قبله قاضيا للمناسك، وحقيقته أن يكون قضاها كلها. والله أعلم.

(فرع) ذكرنا في هذه المسألة السادسة عن البغوي: أن طواف الوداع يتوجه على كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر، قال: ولو أراد دون مسافة القصر لا وداع عليه، والصحيح المشهور أنه يتوجه على من أراد مسافة القصر ودونها سواء كانت مسافة بعيدة أم قريبة لعموم الأحاديث وممن صرح بهذا صاحب البيان وغيره.

(فرع) قد ذكرنا أنه لا يجوز أن ينفر من منى ويترك طواف الوداع إذا قلنا بوجوبه، فلو طاف يوم النحر للإفاضة وطاف بعده للوداع، ثم أتى منى ثم أراد النفر منها في وقت النفر إلى وطنه واقتصر على طواف الوداع السابق فهل يجزئه؟ قال صاحب البيان:

اختلف أصحابنا المتأخرون فيه، فقال الشريف العثماني: يجزئه لأن طواف الوداع يراد لمفارقته البيت وهذا قد أرادها، ومنهم من قال: لا يجزئه، وهو ظاهر كلام الشافعي، وظاهر الحديث؛ لأن الشافعي قال: وليس على الحاج بعد فراغه من الرمي أيام منى إلا وداع البيت فيودع وينصرف إلى أهله، هذا كلام صاحب البيان، وهذا الثاني هو الصحيح وهو مقتضى كلام الأصحاب. والله أعلم.


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٩٣٣)، صحيح مسلم الحج (١٣٥٢)، سنن الترمذي الحج (٩٤٩)، سنن النسائي تقصير الصلاة في السفر (١٤٥٥)، سنن أبو داود المناسك (٢٠٢٢)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٥٢)، سنن الدارمي الصلاة (١٥١٢).