ونفروا إلى أبواب القصر حينما دعاهم هرقل إلى الإيمان بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كراهية منهم للإيمان به وعصبية لدينهم الباطل لكن هرقل قد احتاط للأمر لتوقعه ذلك منهم فغلق الأبواب وأحكم الحصار فلم يتمكنوا من الخروج وأمر بردهم إليه، وآثر البقاء على النصرانية حرصا على ملكه وأخبرهم أنه إنما قال مقالته ليختبر حرصهم على دينهم وصلابتهم فيه وأنه وجد منهم ما يحبه من قوة تمسكهم بدينهم، فمثل هذه العداوة الدينية والخصومة في العقيدة يحملهم على إتلاف هذا الكتاب ويقتضي القضاء على معالمه إما عاجلا في زمن هرقل وإما بعد وفاته حينما تحين لهم فرصة الخلاص من مثار غضبهم وما ينقض عقيدتهم خشية أن يأتي من يثيره ويدعو إليه.
ثالثا: أن هذه المرأة مجهولة الحال لا تعرف عدالتها وأمانتها وصلاحيتها لمثل هذا الشأن ولا يدرى عند من وجدت هذه الرسالة أو ممن أخذتها، ولا يدرى عن حالهم وحال من قبلهم، وهذا مثار شك وريبة يمنع من نسبة هذا الكتاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن دعوى أنه هو رسالته الأصلية إلى هرقل.
هذا هو"مقتضى القاعدة التي يعتمد عليها في نسبة الأقوال والأعمال إلى أصحابها، ومن دعاه حب الاستطلاع وحفزه إلى مزيد الاستقصاء في البحث فليعرض أصل ذلك الكتاب على ذوي الخبرة في الخطوط التطبيقية على الخطوط الأولى وليعرضه على أهل الخبرة في قدم الأوراق أو الجلود وجدتها ويقارن بينها وبين