للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحته، فإذا امتحنوا يوم القيامة ظهر علم الله فيهم.

والقول الثاني: أنهم من أهل الجنة؛ لأنهم ماتوا على الفطرة قبل التكليف، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «كل مولود يولد على الفطرة- وفي رواية- على هذه الملة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه (١)».

وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في روضة من رياض الجنة وعنده أطفال المسلمين وأطفال المشركين.

وهذا القول هو أصح الأقوال في أطفال المشركين؛ للأدلة المذكورة، ولقوله سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٢).

ونقل عن الحافظ ابن حجر رحمه الله، في (الفتح) ج ٣ ص (٢٤٧) في شرح باب: (ما قيل في أولاد المشركين) من كتاب (الجنائز): أن هذا القول هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون. انتهى المقصود.

ويستثنى من ذلك أيضا دعاء الحي الحاضر، فيما يقدر عليه، فإن ذلك ليس من الشرك؛ لقول الله عز وجل في قصة موسى مع القبطي: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (٣)، ولأن كل إنسان يحتاج إلى إعانة إخوانه فيما يحتاج إليه في الجهاد وفي غيره مما يقدرون عليه، فليس ذلك من الشرك، بل


(١) رواه البخاري في (الجنائز) برقم (١٢٩٦).
(٢) سورة الإسراء الآية ١٥
(٣) سورة القصص الآية ١٥