للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ج) صعوبة التجزئة، إذ قد تكون الحاجة إلى شيء تافه، فلا يتكافأ هذا الشيء التافه مع ما يرغب فيه من سلعة أخرى.

(د) صعوبة احتفاظ السلع بقيمتها لتكون مستودعا للثروة وقوة للشراء المطلق ومعيارا للتقويم.

كل ذلك أدى إلى الاستعاضة عنها بطريقة يحصل بها التغلب على الصعوبات المشار إليها، فنشأ مبدأ الأخذ بوسيط في التبادل، وليكون في ذلك الوسيط وحدة للمحاسبة، ومقياس للقيم، وخزانة للثروة، وقوة شرائية مطلقة. إلا أن نوعية هذا الوسيط لم تكن موحدة بين الناس؛ فكان للبيئة أثرها في تعيين وسيط التبادل. فالبلاد الساحلية كانت تختار الأصداف نقدا، والبلاد الباردة وجدت في الفراء ندرة تؤهلها لاختيارها وسيطا للتبادل، أما البلاد المعتدلة فنتيجة للرخاء في عيشة أهلها آثروا المواد الجميلة كالخرز والرياش وأنياب الفيلة والحيتان نقودا، ويذكر أن اليابان كانت تستعمل الأرز وسيطا للتبادل، كما كان الشاي في وسط آسيا، وكتل الملح في أفريقيا الوسطى، والفرو في الشمال من أوروبا.

وبتطور الحياة البشرية بمختلف أنواعها من فكرية واجتماعية واقتصادية ظهر عجز السلع وسيطا للتبادل عن مسايرتها هذا التطور الشامل.

هذا العجز يكمن في تأرجح قيم السلع ارتفاعا وانخفاضا، تبعا لمستلزمات العرض والطلب، وأن السلع عرضة للتلف فضلا عن صعوبة حملها، وعن الأخطار التي تصاحب نقلها من مكان إلى آخر.