للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاصرة عليهما. والقول بالغلبة احتراز عن الفلوس إذا راجت رواج النقدين. فالثمنية عندهم طارئة على الفلوس فلا ربا فيها، وذهب فريق ثالث إلى أن العلة فيهما مطلق الثمنية. وهذا القول إحدى الروايات عن الإمام مالك وأبي حنيفة وأحمد. قال أبو بكر: روى ذلك عن أحمد جماعة. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من محققي العلماء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع فتاواه ما نصه (١): (والمقصود هنا الكلام في علة تحريم الربا في الدنانير والدراهم، والأظهر أن العلة في ذلك هو الثمنية لا الوزن، كما قال جمهور العلماء - إلى أن قال - والتعليل بالثمنية تعليل بوصف مناسب؛ فإن المقصود من الأثمان أن تكون معيارا للأموال يتوصل بها إلى معرفة مقادير الأموال، ولا يقصد الانتفاع بعينها. فمتى بيع بعضها ببعض إلى أجل قصد بها التجارة التي تناقض مقصود الثمنية. واشتراط الحلول والتقابض فيها هو تكميل لمقصودها من التوصل بها إلى تحصيل المطالب؛ فإن ذلك إنما يحصل بقبضها لا بثبوتها في الذمة، مع أنها ثمن من طرفين، فنهى الشارع أن يباع ثمن بثمن إلى أجل. فإذا صارت الفلوس أثمانا صار فيها المعنى؛ فلا يباع ثمن بثمن إلى أجل).


(١) ج٢٩ ص٤٧١ - ٤٧٢.