للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر أهل العلم عن فرد من أفراد الجاهلية الذين وقع التحدي لهم بالقرآن أنه بلغ فهمه إلى بعض هذا فضلا عن كله) (١).

قلت: ويمكن الجواب على هذا الإشكال بأن الرمز والإشارة لا يلزم منه فهم الناس له، فقد لا يفهمه إلا القليل ولا يدركه إلا النادر من الرجال، فقد فهم أبو بكر رضي الله عنه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفهمه غيره، حين قال عليه الصلاة والسلام: «إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده، فقال أبو بكر: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا قال: فعجبنا (٢)». وفهم ابن عباس وغيره إشارات في بعض الآيات لم يفهمها غيره، فإذا كان الأمر كذلك فلا عجب أن يكون في هذه الفواتح من الرموز ما لا يفهمه إلا القليل.

ولا يلزم من فهم أحد لمعنى من المعاني أن ينقل ذلك عنه تلكم الأحرف السبعة بلغت أحاديثها حد التواتر ولا يعرف أحدنا الآن معناها يقينا فهل يصح لأحدنا أن يقول: إن الأحرف السبعة لا معنى لها لأن أهل العلم لم يعرفوا معناها.


(١) فتح القدير: الشوكاني، ج١، ص ٣٠.
(٢) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح، ج ٥ ص ٦٠٩.