للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان حكم النطق بذلك مع اشتهار أنه لم يكن ممن اقتبس شيئا من أهله حكم الأقاصيص المذكورة في القرآن التي لم تكن قريش ومن دان بدينها في شيء من الإحاطة بها في أن ذلك حاصل له من جهة الوحي، وشاهد بصحة نبوته، وبمنزلة أن يتكلم بالرطانة من غير أن يسمعها من أحد) (١).

وذكر هذا القول الرازي في تفسيره فقال: (إن التكلم بهذه الحروف وإن كان معتادا لكل أحد، إلا أن كونها مسماة بهذه الأسماء لا يعرفه إلا من اشتغل بالتعلم والاستفادة، فلما أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام عنها من غير سبق تعلم واستفادة كان ذلك إخبارا عن الغيب فلهذا السبب قدم الله تعالى ذكرها ليكون أول ما يسمع من هذه السورة معجزة دالة على صدقه) (٢).

ووصف البيضاوي هذا الوجه بأنه خارق للعادة واستدل له (٣). كما ذكره الزركشي في البرهان، واستدل له بآية العنكبوت السابقة (٤) كما أورده ابن عاشور إلا أنه وصفه بأنه: (بين البطلان لأن الأمي لا يعسر عليه النطق بالحروف) (٥).

(قلت) والذي يظهر لي صواب ما ذهب إليه ابن عاشور رحمه الله تعالى في أن الأمي لا يعسر عليه النطق بالحروف


(١) الكشاف: الزمخشري، ج١ ص ١٦، ١٧.
(٢) تفسير الرازي، ج ٢ ص ٧.
(٣) أنوار التنزيل: البيضاوي، ج١ ص ٤٢.
(٤) البرهان في علوم القرآن: الزركشي، ج١ ص ١٧٦.
(٥) التحرير والتنوير: ابن عاشور، ج١ ص ٢٠١.