للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعقل لها وجه توجه إليه إلا أحد الوجهين اللذين ذكرنا، فبطل أحد وجهيه، وهو أن يكون مرادا بها تهجي ألم صح وثبت أنه مراد به الوجه الثاني وهو حساب الجمل، لأن قول القائل: ألم لا يجوز أن يليه من الكلام {ذَلِكَ الْكِتَابُ} (١) لاستحالة معنى الكلام وخروجه عن المعقول، إن ولي ألم (٢) ذلك الكتاب.

وأما النقلي: فبما رواه محمد بن إسحاق في السيرة قال: (وكان ممن نزل فيه القرآن بخاصة من الأحبار وكفار يهود الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل - فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله بن رئاب - أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة البقرة: {الم} (٣) {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} (٤) فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من يهود فقال: (تعلموا والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه {الم} (٥) {ذَلِكَ الْكِتَابُ} (٦) فقالوا: أنت سمعته؟ فقال: نعم. فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا له: يا محمد ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك: {الم} (٧) {ذَلِكَ الْكِتَابُ} (٨) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، قالوا: أجاءك بها جبريل من عند الله؟ فقال: نعم، قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء، ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه، وما أكل (٩) أمته غيرك،


(١) سورة البقرة الآية ٢
(٢) جامع البيان: الطبري، ج١ ص ٢١٦.
(٣) سورة البقرة الآية ١
(٤) سورة البقرة الآية ٢
(٥) سورة البقرة الآية ١
(٦) سورة البقرة الآية ٢
(٧) سورة البقرة الآية ١
(٨) سورة البقرة الآية ٢
(٩) الأكل، بالضم الرزق والطعام ويريد بأكل أمته طول مدتهم.