للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولى مما فيه خلاف (١).

المناقشة:

بالنظر إلى أدلة كل فريق نرى أنه بالإمكان التوفيق بينها، وأنها ليست من التعارض الذي يتعذر معه الجمع بينها، والجمع بين الأدلة - إن أمكن - إعمال للأدلة جميعا، وهو أولى من الترجيح؛ لأنه يقتضي إهمال بعضها.

أولا: الرمي بعد طلوع الشمس هو الأولى؛ لأنه الوقت الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوصى به أغيلمة بني عبد المطلب، وفيه الخروج من الخلاف، وهذا ما دلت عليه أدلة القول الثالث.

ثانيا: أن الرمي قبل طلوع الشمس قد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم، فقول أسماء رضي الله عنها وقد رمت قبل طلوع الشمس بلا ريب: «كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢)».

وقول ابن عمر رضي الله عنه وكان يقدم أهله لصلاة الفجر، ويرمون الجمرة فور وصولهم: «أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣)». أدلة صحيحة صريحة في جواز الرمي قبل طلوع الشمس، فقول الألباني - عفا الله عني وعنه -: (واعلم أنه لا يصح حديث مرفوع صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الترخيص بالرمي قبل طلوع الشمس للضعفة. .) الإرواء ٤/ ٢٧٦. ولا إخاله يعد هذه أحاديث موقوفة، وهي صريحة في المراد. ولهذا لم يذهب ابن القيم - رحمه الله - إلى ما ذهب إليه الألباني، بل ذهب إلى الجمع بينها بأن النهي عن


(١) انظر: المغني ٥/ ٢٩٤. .
(٢) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٠)، سنن أبو داود المناسك (١٩٤٣)، موطأ مالك كتاب الحج (٨٨٩).
(٣) صحيح البخاري الحج (١٦٧٦)، صحيح مسلم الحج (١٢٩٥).