ويعجز المصلحون عن رده إلى سواء الصراط، أو يحدث بين الزوجين تنافر في الطباع وتخالف في العادات أو يلقى في نفس أحدهما كراهية الآخر والسأم منه، والتبرم من أفعاله، وقد يكون الزوج عقيما أو قد يصيبه مرض معد خطير، أو قد يغيب غيبة لا يعلم فيها حاله، ولا حياته من موته، وقد يصاب بضيق ذات اليد فلا يستطيع الإنفاق على زوجته وليست بخليه فتنكح غيره.
وهذه الأمثلة وليست من الخيال في شيء تفسد على البيت نظامه، وتعكر عليه صفوه، فينحرف الزوجان في البحث عن لذة بديلة أو سكن غير ما يجدانه في نكاحهما، وينحرف الأولاد حيث لا كافل لهم ولا راعي لشئونهم، ولا قائم بحقوقهم، وينشأ الأطفال نشأة يملؤها التشاؤم، ويغلب عليها الحزن والانطواء في مجتمع أسري كهذا.
لهذه الأمور وغيرها كثير؛ أباح الله الطلاق ليكون علاجا لهذا الوضع الرديء، والحال المفجع، والخطب الأليم، الذي أصاب الأسرة التي هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع.
ولأن الإسلام دين رب العالمين الذي هو أعلم بمصالح العباد من أنفسهم، ولأنه الدين الصالح لكل زمان ومكان، فقد حرص على وقاية المجتمعات من كل داهية تفتك به وكل فجيعة تلم به، وكل نكبة تصيبه، فقد شرع الطلاق ليتخلص به الزوجان من حياة مقلقة، وصلة موجعة، وارتباط مؤلم، ومن ثم ينقب كل منهما عمن هو خير من سابقه، وأجدر بالارتباط به، قال تعالى: