للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الثاني: الطلاق المعلق لقصد المنع أو الحث يسمى يمينا في اللغة وفي عرف الفقهاء ولذا دخل في أيمان البيعة، وفي عموم اليمين في حديث الاستثناء في اليمين وفي عموم اليمين في حديث التحذير من اقتطاع مال امرئ مسلم بيمين فاجرة، وفي عموم الإيلاء، وفي عموم حديث «يمينك على ما يصدقك به صاحبك (١)» وفي عموم حديث «إياكم والحلف في البيع (٢)» كما ذكر ذلك العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من المحققين، وإذا كان يمينا دخل في عموم قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (٣) وقوله تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (٤) الآية فتجب فيها الكفارة.

الثالث: قياس الطلاق المعلق لقصد الحث أو المنع على ما ورد في قصة ليلى بنت العجماء وهي ما رواه عبد الرزاق في مصنفه عن سليمان التيمي عن بكر بن المزني قال أخبرني أبو رافع قال: قالت مولاتي ليلى بنت العجماء كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهي يهودية ونصرانية إن لم تطلق زوجتك أو تفرق بينك وبين امرأتك قال فأتيت زينب بنت أم سلمة. إلخ - ثم ذكر أنه أتى حفصة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم وكلهم أفتاها بأن تكفر عن يمينها وتخلي بين الرجل وامرأته مع أن الهدي والصدقة والعتق أمور محبوبة لله تعالى يثيب فاعليها، ولم يأمرها أولئك بإنفاذ مقتضى حلفها بل اكتفوا منها بالكفارة فكيف يقال إن الطلاق الذي هو مكروه عند الله تعالى ولا يحبه من عباده يقع عند التعليق للحث والمنع إلخ. ولا يقع العتق والصدقة والهدي المحبوبة لله تعالى يكون ذلك يمينا مكفرة وقد اختار عدم وقوع الطلاق المعلق إذا أريد به الحث أو المنع مثلا جماعات من المحققين من السلف والخلف منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهما هما في العلم والمعرفة والبصيرة.

الرابع: ما قيل عن تفرد سليمان التيمي بزيادة العتق في يمين ليلى بنت العجماء مردود برواية هذه الزيادة من طريقين غير طريق سليمان التيمي ولو فرضنا تفرد سليمان التيمي بهذه الزيادة لم يضره ذلك؛ لأن زيادة الثقة مقبولة كما هو معلوم في مصطلح أهل الأثر كيف وهو لم ينفرد بها ومع ذلك فهو أجل من روى أثر ليلى بنت العجماء عن بكر بن عبد الله وأفقههم، وما قيل من التعارض بين رواية عثمان بن حاضر للقصة دون هذه الزيادة وبين رواية سليمان التيمي التي فيها الزيادة فمردود بأن هذا لا يسمى تعارضا؛ لأن الزيادة التي ثبتت في رواية سليمان التيمي لا تتنافى مع أصل الأثر ولو فرض وجود التعارض فإن رواية سليمان أرجح من رواية عثمان وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم البحث في هذا المقام بحيث لم يبق معه لباحث مجال وقد ذكر بعضه في إعداد البحث.


(١) صحيح مسلم الأيمان (١٦٥٣)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٥٤)، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٥٥)، سنن ابن ماجه الكفارات (٢١٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٢٨)، سنن الدارمي النذور والأيمان (٢٣٤٩).
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٧)، سنن النسائي البيوع (٤٤٦٠)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٩)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٩٧).
(٣) سورة التحريم الآية ٢
(٤) سورة المائدة الآية ٨٩