للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التأبيد فحمل فيما سماه على ما شرطه، وفيما سكت عنه على مقتضاه، ويصير كأنه وقف مؤبد، ويقدم المسمى على غيره، فإذا انقرض المسمى صرف إلى أقرب الناس إلى الواقف؛ لأنه من أعظم جهات الثواب، والدليل عليه: قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا صدقة وذو رحم محتاج (١)»، وروى سليمان بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صدقتك على المساكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة (٢)»، - هذا الحديث أخرجه أحمد، وابن ماجه، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، والحاكم، والدارقطني، وحسنه الترمذي - وهل يختص به فقراؤهم، أو يشترك فيه الفقراء والأغنياء فيه قولان:

أحدهما: يختص به الفقراء لأن مصرف الصدقات إلى الفقراء.

والثاني: يشترك فيه الفقراء والأغنياء؛ لأن في الوقف الغني والفقير سواء، وإن وقف وقفا منقطع الابتداء متصل الانتهاء بأن وقف على عبد ثم على الفقراء أو على رجل غير معين ثم على الفقراء ففيه طريقان: من أصحابنا من قال: يبطل قولا واحدا؛ لأن الأول باطل، والثاني فرع لأصل باطل فكان باطلا، ومنهم من قال: فيه قولان: أحدهما: أنه باطل؛ لما ذكرناه، والثاني: أنه يصح؛ لأنه لما بطل الأول صار كأن لم يكن وصار الثاني أصلا، فإذا قلنا: أنه يصح فإن كان الأول لا يمكن اعتبار انقراضه


(١) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالمتروك، أما بقية رجاله فثقات.
(٢) سنن النسائي الزكاة (٢٥٨٢)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢١٤)، سنن الدارمي الزكاة (١٦٨٠).