للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج النسائي الأولى وزاد عليها: وإن الرجل ليغلي بصدقة المرأة حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت لكم علق القربة - وكنت غلاما عربيا مولدا فلم أدر ما علق القربة " انتهى المقصود.

وقال القرطبي في تفسيره: «وخطب عمر فقال: ألا لا تغالوا في صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية فقامت إليه امرأة

فقالت يا عمر: يعطينا الله وتحرمنا، أليس الله سبحانه وتعالى يقول: قال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية فأطرق عمر

ثم قال: كل الناس أفقه منك يا عمر، وفي أخرى: امرأة أصابت ورجل أخطأ والله المستعان (٢)».

وترك الإنكار أخرجه أبو حاتم البستي في صحيح مسنده عن أبي العجفاء السلمي، قال: خطب عمر الناس فذكره إلى قوله: اثنتي عشرة أوقية، ولم يذكر فقامت امرأة إلى آخره، وأخرجه ابن ماجه في سننه عن أبي العجفاء وزاد بعد قوله: أوقية وإن الرجل ليغلي صدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه ويقول وقد كلفت إليك علق القربة أو عرق القربة وكنت رجلا عربيا مولدا ما أدري ما علق القربة أو عرق القربة (٣).

وقال ابن كثير في تفسيره: وقد كان عمر بن الخطاب نهى عن كثرة الإصداق ثم رجع عن ذلك كما قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين قال: نبئت «عن أبي العجفاء السلمي قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ألا لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن كان الرجل ليبتلى بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت إليك علق القربة، (٤)» ثم رواه الإمام أحمد وأهل السنن من طرق عن محمد بن سيرين عن أبي العجفاء واسمه هرم بن سيب البصري وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

طريق أخرى عن عمر قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن عبد الرحمن، عن خالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلأعرفن ما زاد الرجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم؟ قال: نعم فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن، قال: وأي ذلك قالت أما سمعت الله يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (٥) الآية، قال: فقال: اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ثم رجع فركب المنبر، فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب، قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل، إسناده


(١) سنن النسائي كتاب النكاح (٣٣٤٩)، سنن أبو داود النكاح (٢١٠٦)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨٧)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٠٠).
(٢) سورة النساء الآية ٢٠ (١) {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}
(٣) تفسير القرطبي ٥/ ٩٩
(٤) سنن النسائي كتاب النكاح (٣٣٤٩)، سنن أبو داود النكاح (٢١٠٦)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤١)، سنن الدارمي النكاح (٢٢٠٠).
(٥) سورة النساء الآية ٢٠