للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (١)، وقال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (٢) وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (٣)، وقال نبينا - عليه الصلاة والسلام -: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه (٤)»، ويقول - صلى الله عليه وسلم: «إنه يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما (٥)».

والمقصود أنه أنزل للعمل به وتدبره والتعبد بتلاوته والإكثار من قراءته لا لإهدائه للأموات أو غيرهم، ولا أعلم في إهدائه للوالدين أو غيرهما أصلا يعتمد عليه، وقد قالت - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٦)».

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك وقالوا: لا مانع من أهداء ثواب القرآن وغيره من الأعمال الصالحات، وقاسوا ذلك على الصدقة والدعاء للأموات وغيرهم، ولكن الصواب هو القول الأول؛ للحديث المذكور، وما جاء في معناه، ولو كان إهداء التلاوة مشروعا لفعله السلف الصالح.

والعبادة لا يجوز فيها القياس؛ لأنها توقيفية لا تثبت إلا بنص من كلام الله - عز وجل - أو من سنة رسوله - صلى الله عليه


(١) سورة ص الآية ٢٩
(٢) سورة الإسراء الآية ٩
(٣) سورة فصلت الآية ٤٤
(٤) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٤٩).
(٥) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٥)، سنن الترمذي فضائل القرآن (٢٨٨٣).
(٦) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٨٠).