للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأهل الإيمان أنهم كالبنيان المرصوص، وفي التمثيل النبوي كالجسد الواحد. فأمور الإسلام ومطلوباته لا تتحقق على وجهها إلا بالتعاون. ودين الله بنيان شامخ لا يقوم ولا يثبت إلا حين تتراص لبناته وتتضامن مبانيه لتسد كل لبنة ثغرتها.

وإذا كان الله سبحانه قد خلق الخلق لعبادته وطاعته فإن هذه العبادات والطاعات أنواع: قلبية عقلية كالإيمان، وبدنية كالصلاة، ومالية كالزكاة، ومركبة من البدن والمال كالحج والجهاد.

وكل هذه العبادات بأنواعها لا تقام ولا تشاد إلا بوسائلها: من صحة الفكر، وسلامة البدن، وسعة ذات اليد. ولهذه الوسائل وسائل: من التفقه في الدين، والإحسان في الأعمال؛ من زراعة وصناعة وحرف، وإتقان في العلوم والمعارف؛ من الطب والحساب والهندسة والمعامل والمختبرات. ومن المقطوع به - كما سبق - أن الإنسان بمفرده بل حتى الرهط من الناس والجماعة المحدودة من القوم لا تستطيع بهذه الوسائل الانفراد بتحقيق هذه المقاصد. ومنه يتبين حاجة الناس إلى الاجتماع والتآزر، فذلك ما تقتضيه الفطرة، ويتطلبه الدين، وتنتظم به الشؤون، وتستقيم به العلوم.

وهذا بعض البسط لصور من التعاون في أحكام الإسلام وآدابه، وإذا استجلاها رجل الدعوة عرف ضرورة التعاون وحاجته إليه في ميدانه ومجاله.

فالصلوات الخمس جماعة وجمعة، وصلاة العيدين وآدابهما، والحج بشعائره، وعقد النكاح بوليمته وآدابه، وعقيقة المولود، وإجابة الدعوى حتى للصائم، كلها مناشط عبادية اجتماعية تعاونية،