للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويكفي نبراسا وقدوة تضرع موسى عليه السلام إلى ربه في أخيه هارون عليه السلام: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} (١)، مع أن مقام النبوة عظيم قد لا يخطر في البال أن ذلك مما تمكن المشاركة فيه، ولكن موسى أحب لأخيه ما أحب لنفسه.

ولعل فيما مضى من إشارة في الكلام على عقد الأخوة يكمل بيان مراد ما نحن بصدده ويزيد إيضاحه.

إن رجل الدعوة المخلص سوف يكون مسرورا ممتنا إذا ما ظفر بمسلم ذي مقدرة وكفاءة وأمانة يسهم معه في ميدانه ويعينه في شأنه.

أيها الدعاة: إن هناك علاقة بينة بل تنازع جلي بين بذل التعاون والرغبات الشخصية. فالصدق في التعاون وبذله يستلزم تنازلا عن الرغبات الشخصية والأهواء الذاتية.

ومن قام بالتعاون على وجهه، ووفى أعباءه ومتطلباته، إنما يغلب هواه، ويتجرد في إخلاصه؛ بل إنما يقدم المصالح العليا، والحاجات الكبرى، على المصالح الخاصة.

ومنه يدرك الناظر أثر التعاون الحقيقي في بناء الوحدة وكبح شر التشرذم، ومن هنا تتجلى التراجحات بين التعاون والمنافع الذاتية. إنها قضية أساسية يجب أن تحتل مكانة أرفع لدى الدعاة والمفكرين في ميادين الدعوة.


(١) سورة طه الآية ٣٢