للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الندم، ولا ينجيهم من هذا الهول إلا العودة إلى الله تعالى، تائبين آيبين مقرين بذنوبهم.

الثاني: الرجوع والإقلاع عنه في الحال.

يقال: رجعت عن كذا رجعا، ورجعت الجواب، نحو قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} (١). وقد جاء الرجوع بمعنى محاسبة النفس والرجوع إليها، قال تعالى: {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} (٢)، وبمعنى التوبة، قال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (٣) وظلت العناية الإلهية تواليهم بالابتلاءات، تارة بالنعماء، وتارة بالبأساء، لعلهم يرجعون إلى ربهم، ويثوبون إلى رشدهم ويستقيمون على طريقهم.

أما عن الإقلاع في الحال على طريق الفورية، فهذا كان نهج المسلمين الأول، يتلقون الأوامر عن طريق الوحي المتتابع فتعيه قلوبهم، وتنفذه جوارحهم، من ذلك عندما نزل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٤).

يقول أنس بن مالك: كنا نشرب الخمر وبعضنا شربته في


(١) سورة التوبة الآية ٨٣
(٢) سورة الأنبياء الآية ٦٤
(٣) سورة الأعراف الآية ١٦٨
(٤) سورة المائدة الآية ٩٠