للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عطية: " تضمنت هذه الآية الوعد بأن الله عز وجل يغفر للتائبين، والإشارة إلى من تاب من بني إسرائيل، وفي الآية ترتيب الإيمان بعد التوبة، والمعنى في ذلك أنه أراد بقوله: وآمنوا أن التوبة نافعة لهم منجية فتمسكوا بها، فهذا إيمان خاص بعد الإيمان على الإطلاق، ويحتمل أن يريد بقوله: وآمنوا أي: وعملوا عمل المؤمنين حتى وافوا على ذلك، ويحتمل أن يريد التأكيد فذكر التوبة والإيمان إذ هما متلازمان، إلا أن التوبة -على هذا- تكون من كفر ولا بد، فيجيء تابوا، وآمنوا بمعنى واحد، وهذا لا يترتب في توبة المعاصي، فإن الإيمان متقدم لتلك ولا بد، وهو وتوبة الكفر متلازمان، وقوله: إن ربك إيجاب ووعد مرج، قال: ويحتمل قوله تابوا، وآمنوا أن يكون لم تقصد رتبة الفعلين على عرف الواو في أنها لا توجب رتبة، ويكون وآمنوا بمعنى وهم مؤمنون قبل وبعد " (١).

إن ما قاله المفسر الكبير ابن عطية من أن هذه الآية إشارة إلى من تاب من بني إسرائيل، ونحن نعلم أن بني إسرائيل قد آمنوا بموسى، وخرجوا مع نبيهم فارين من فرعون وجبروته، فارين إلى الله تعالى، كما قال: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} (٢).

وعندما تركهم موسى رجعوا عن إيمانهم باتخاذهم العجل


(١) راجع المحرر الوجيز، ٦/ ٩١
(٢) سورة الذاريات الآية ٥٠